بات عمل مصر بنظام بيع الجنسيّة إلى أجانب مقابل وديعةٍ ماليّةٍ، أمراً قريباً، وذلك في ظلّ تمسّك الحكومة بمشروع القانون الذي أحدث جدلاً كبيراً سياسيّاً وأمنيّاً، وأيضاً إنقساماً داخل مجلس النوّاب.

فيرى بعض المعترضين على القانون أنّه نوع من التسوّل، وإهانة للجنسيّة المصريّة، وتهديد للأمن القومي المصري.

الجنسيّة مقابل المال

مصر تمنح الجنسيّة بحسب شروطٍ ومعايير، مثل الكثير من البلدان، تتعلّق بإجراءات الإقامة التي تتحوّل بعد ذلك إلى مكتسباتٍ من الممكن أن تحوّل الأجنبي إلى مواطنٍ في حال تقدّمه بالأوراق وإتمامه الشروط المطلوبة.

ولكنّ الإجراءات الجديدة التي ستأتي بالقانون، ستسهّل منح الجنسيّة، ولكن بأموالٍ من العملة الأجنبيّة.

3 ملايين مقيمٍ في مصر يطلبون الجنسيّة

ومن داخل مصلحة الجوازات والهجرة في مجمّع التحرير، كان الحديث مع أحد المسؤولين، لمعرفة الوضع الحالي لمنح الجنسيّة بحسب القانون القائم، قبل موافقة مجلس النوّاب على مشروع القانون الذي يُتداول حاليّاً.

و قال مسؤول أمني في تصريحاتٍ خاصة، إنّ منح الجنسيّة حاليّاً لا يتمّ بالبيع، موضحاً أنّ هناك أكثر من 3 ملايين طلبٍ لمنح الجنسيّة، وهناك طلبات تجاوزت الـ20 سنة، نظراً لعدم توافر الشروط والمعايير الموضوعة والتي تتعلّق بالمقام الأوّل بالإحتياطات الأمنيّة.

أكثر الجنسيّات طلباً على المصريّة

و أشار إلى أنّ أكثر من يتقدّمون للحصول على الجنسيّة المصريّة هم الفلسطينيّون، وبعد ذلك السودانيّون، وهاتان الجنسيّتان يتقدّم لهما  المواطنون المقيمون في مصر بطلبات الحصول على الجنسيّة من خمسينيّات القرن الماضي، مشيراً إلى أنّ الجنسيّات التي باتت تقدّم طلبات في الفترة الحاليّة، هم السوريّون والليبيّون واليمنيّون.

كما و أكّد المسؤول الأمني أنّه في حال موافقة البرلمان على قانون منح الجنسيّة بوديعةٍ، لن يتمّ إلغاء الضوابط التي تُمنح عليها الجنسيّة حاليّاً من دون شروطٍ ماديّةٍ.

وديعة مليون دولار وتوجّه لتقليلها

القانون الذي يُبحث حاليّاً و يثير جدلاً، والمتعلّق بمنح الجنسيّة مُقابل المال، يهدف لتشجيع الإستثمار بوضع طالب الجنسيّة مليون دولار كوديعة.

و تُناقش حاليّاً إمكانيّة تقليلها إلى 500 ألف دولار،بحيث يتمّ وضع المبلغ في المصرف، مع القيام بمشروعٍ لم تُحدّد قيمته.

وبعد 5 سنوات، يستطيع الشخص الأجنبي التقدّم بطلب الحصول على الجنسيّة، وذلك بقرارٍ من وزير الداخليّة الذي يمنحها من خلال مراجعة إشتراطات وإعتبارات أمنيّة.

هل الوديعة قابلة للرد؟

ولم تُحسم حتى الآن الحقيقة حول حصول طالب الجنسيّة على قيمة الوديعة، التي تكون من دون فوائد، بعد حصوله على الجنسيّة، أم حصول الدولة عليها وتحوّلها للخزانة العامة.

لا يتملّكون أراضٍ حدوديّة...ولا يترشّحون أو ينتخبون

و يرى وكيل مجلس النّواب، السيد الشريف، الذي يمثّل ائتلاف الأكثريّة "دعم مصر"، أنّ هذه الطريقة في منح الجنسيّة معمول بها في العالم، وهي طريقة لجذب الإستثمارات، مشيراً إلى أنّ البرلمان وضع إعتبارات في مشروع القانون، منها حُسن السمعة والسلوك، وإعتبارات أمنيّة، وأيضاً عدم إعطاء من يُمنحون الجنسيّة حق إمتلاك الأراضي الحدوديّة.

و أوضح الشريف أنّ الكثيرين يتخوّفون من أن يتقدّم الحاصل على الجنسيّة في إنتخابات مجلس النواب، أو مثلاً الترشّح في الإنتخابات الرئاسيّة، موضحاً أنّ قانون مباشرة الحقوق السياسيّة لا يعطي الحق في ذلك الأمر سوى للمواطن الذي وُلد من أب وأم مصريّة.

وبالطبع، فمن يطلب الجنسيّة، أبوه وأمّه غير مصريّيْن، ولذلك لن يستطيع الترشّح في الإنتخابات أو التصويت.

الإقبال سيكون من أجانب سقطت عنهم جنسيّة بلادهم

أوجه معترضة أيضاً يعبّر عنها رئيس المؤسّسة العربيّة للدراسات الإستراتيجيّة، العميد سمير راغب، الذي قال إنّ الأوطان ليست شركة، والحديث عن بيع الجنسيّة في دولٍ أخرى يعتبر كلاماً ساذجاً، وذلك لأنّ لكلّ بلدٍ ثقافته، وكلّ شعبٍ له تجربة تناسبه.

و يتساءل راغب: "من الذي سيشتري الجنسيّة المصريّة؟ فهناك من هم من دون جنسيّة و تمّ إسقاطها عنهم في الكثير من الدول، ومن الطبيعي أن يأتوا بأموالهم للحصول على الجنسيّة." 

و عبّر راغب عن تخوّفه من تغيّراتٍ ديموغرافيّة تأتي بطوائف وأديان مختلفة، و تكوّن فرق ضغط تُطالب بالتّملك، فلا يُعرف لصالح من سيتمّ التملّك!