لم ترَ مصر طوال تاريخها، ما هو أسوأ من طريقة هروب وزير الداخليّة الأشهر، حبيب العادلي، الذي كان أحد أسباب سقوط نظام مبارك والمتورّط في العديد من القضايا التي يُحاكم على إثرها منذ عام 2011، ويقبع في السجون، فترات حبسٍ إحتياطي تجاوز من خلالها المدة القانونيّة.

العادلي هرب بطريقةٍ لم تتكرّر من قبل؛ فهو يحاكم على ذمّة قضايا حتى الآن، ولكنّ مدّة الحبس الإحتياطي الخاصة بها قد إنتهت قانونيّاً، وليس من الشرعي أن يستمرّ في الحبس الإحتياطي.

فتمّ إخراجه بأوامر من النيابة من محبسه، ليوضع تحت الإقامة الجبريّة مع منعه من السفر، على أن يتوجّه للمحكمة عندما تحدَّد جلسات لإستكمال محاكمته في بقيّة القضايا.

حبيب العادلي هرب من مقرّ إقامته الجبريّة المراقبة من الشرطة

وزير داخليّة مبارك وُضع تحت الإقامة الجبريّة منذ أشهرٍ، وكلّفت وزارة الداخليّة بوضع قوّةٍ عسكريّة تمنع تحرّكاته وتجعله جاهزاً لأيّ طلبٍ بالحضور إلى المحكمة، مع وضع إسمه على قوائم المنع من السفر.

وعند نظر إحدى القضايا، طالبت المحكمة وزارة الداخليّة بإمتثاله أمامها وخروجه من مقرّ الإقامة الجبريّة، إلّا أنّ الداخليّة أبلغت النيابة بعدم وجود المتّهم في مقرّ إقامته الجبريّة، فكانت الصاعقة!

على الرغم من أنّ الواقعة مرّ عليها أكثر من أسبوعيْن، إلّا أنّ النيابة كرّرت مخاطبتها لوزارة الداخليّة منذ يوميْن، لإيفادها بآخر تطوّرات ضبط وإحضار المتّهم الهارب الذي كان بحوزتها وتحت مسؤوليّتها، ومطالبة أيضاً بموافاتها بنتائج التحريات والتحقيقات التي أقامتها الوزارة مع المعنيّين بحراسة العادلي ووضعه تحت الإقامة الجبريّة.

الهروب السياسي في مصر له أمثلة ووقائع شهيرة، ولكن لم يكن هناك مثل هروب العادلي الذي لا يُعلم حتى الآن إذا كان داخل مصر أم هرب خارجها.

أشهر السياسيّين الهاربين من أحكام القضاء

أنور السادات بعد تورّطه في التجسّس على الإنجليز لصالح الألمان

في أربعينيّات القرن الماضي، كان رئيس مصر الأسبق أنور السادات ضابطاً بالجيش وله ميول سياسيّة شهيرة، ولكن تمّ القبض عليه بعد أن ضُبطت معه أجهزة لاسلكي كان يخابر بها الألمان بالإستعدادات العسكريّة للإنجليز وقت الحرب العالميّة الثانية.

ولكن تمّ إعتقاله وطُرد من الجيش، وأُلحق بالسجن مدّة عاميْن، ثمّ هرب إلى مناطق صحراويّة داخل مصر، ليتحوّل إلى عتّال، ويغيّر إسمه وشكله لمدّة عاميْن ويبحث عنه الإنجليز والبوليس المصري.

لكنّه ظهر مرّة أخرى بعد أن سقط الحكم الصادر بحقّه عقب إلغاء الأحكام العرفيّة.

رئيس أركان الجيش المصري في حرب أكتوبر هرب إلى الجزائر

وكان الفريق سعد الشاذلي، هو قائد الجيش المصري في حرب أكتوبر، قد إختلف مع الرئيس أنور السادات وقادة الجيش حول التعامل مع ما يسمّى "الثغرة".

وما بين إستقالةٍ أو عزل، خرج الشاذلي من الجيش، وتمّ نقله ليكون سفيراً بين بريطانيا والبرتغال حتى عام 1978.

ومع توقيع إتفاقيّة "كامب ديفيد"، قام بمعارضة السادات، وقدّم كتاباً يوضح هذا الصراع منذ الحرب.

نشر الكتاب كان بمثابة توجيه تهمة إفشاء أسرارٍ عسكريّة من جانب الشاذلي، وفي زيارةٍ بين القاهرة ولشبونة، هرب إلى الجزائر ليقضي هناك 14 سنة، وعند عودته إلى مصر ظنّاً منه بسقوط هذه الأحكام، تمّ القبض عليه ليُوضع في السجن الحربي بعد تجريده من النياشين والأوسمة التي حصل عليها.

يوسف بطرس غالي... هرب في أوّل طائرة بعد الثورة

هو وزير ماليّة مبارك، الذي مع قيام ثورة 25 يناير، 2011، قُدّمت ضدّه بلاغات تتعلّق بالكسب غير المشروع وإستغلال منصبه ونفوذه في تحقيق مصالح شخصيّة.

وفي وقت كانت الأوضاع فيها متخبّطة، وجد غالي أنّ الحل هو الهروب إلى الخارج بعد أن إتّضحت نهاية النظام، ليطير إلى لندن، ويستقرّ هناك، ثمّ في نيويورك ليعمل مسؤولاً كبيراً في البنك الدولي.

رشيد محمد رشيد... الوزير الملياردير الهارب إلى تركيا

كان وزيراً سياسيّاً على الرغم من أنّه كان مسؤولاً عن وزارة التجارة والصناعة.

وقت ثورة يناير، تقدّمت ضدّه بلاغات عدّة مستندة إلى معلوماتٍ بإستغلال منصبه في تقوية مجموعة شركاته هو وعائلته، مستغلّاً أموال الدولة من جهة، وأيضاً عمله في ضرب منافسين له بالأسواق.

هرب رشيد وقت الثورة إلى تركيا التي فيها يوجد جزء كبير من شركاته الدوليّة، وبات يتنقّل حاليّاً بين عواصم العالم، مقدّماً طلبات للتصالح مع الحكومة المصريّة.