مع سرعة إنتشار المعرفة وتطوّر المعلومات، بات لازماً على القطاع التعليمي أن يواكب هذه التغييرات السريعة.
كما أنّ الانفجار السكّاني الحاصل في العديد من المناطق العربيّة، جعل من الصعب على وزارات التعليم نشر الأساتذة الأكفاء في كامل المدارس.ولذا، كان من اللازم إبتكار طريقةٍ جديدة للتعليم، ألا وهو التعليم الإلكتروني.
التكنولوجيا متواجدة بين الأيدي
بحسب الدراسات، فإنّ الأجهزة الذكيّة باتت منتشرة بشكلٍ واسع بين الطلاب من الهواتف إلى أجهزة التابلت، من دون أن ننسى أجهزة الكومبيوتر المحمول. والتحدّي الذي أخذته بعض المؤسّسات التعليميّة في الخليج يكمن في تحويل هذه الأجهزة إلى مدارس متنقّلة، تكاد تغني حتى عن المدارس التقليديّة.
و يهدف هذا النوع من التعلّم الحديث إلى تعزيز التفكير النقدي للتلاميذ والتعلّم المعاصر من خلال إستخدام مختلف الموارد والتكنولوجيا، حيث يتمّ ربط المعلّمين بالتلاميذ من خلال شبكة فيديو كونفرانس، فيما يجهّز الطلاب بأجهزة التابلت التي يستطيعون التحكّم بها من طاولاتهم، فتشجّع المعلّمين والطلبة على تبادل المعرفة والمعلومات على المستوييْن المحلّي والعالمي في جوٍّ من التعاون الفعّال والعمل الجماعي.
و تعتبر الإيجابيّة الأكبر لهذه المبادرة الحديثة في العالم العربي هي في التقليل من وجود الكتب كمصدر رئيسي أوحد للتعلّم، بالإضافة إلى جذب الطالب للتعلّم والإسكتشاف في العلم تماماً كما أصبحت التكنولوجيا الحديثة غير قابلة للإستغناء عنها.
تجارب وردود فعل
و تقول مديرة البرامج في مكتب التخطيط والشؤون الإستراتيجيّة في مجلس أبوظبي للتعليم، نجلاء الرواي النقبي، إنّه جرى إختيار ست مدارس حتى الآن أبدت إستعدادها لتطبيق التجربة.
وإعتُبر أنّه من شأن هذه الوسيلة الجديدة جعل الطالب محوراً للعمليّة التعليميّة وتطوير مهارات العمل الجماعي والتفكير الإبداعي لدى الطلبة والمعلّمين بما يتماشى مع متطلّبات وتحدّيات القرن الحادي والعشرين.
و تقول اللبنانية آمال المصري، معلّمة الحلقة المتوسّطة للتعليم الأساسي لـ"يلافيد"، إنّ للتعليم الإلكتروني فوائد كثيرة على الطالب كما على الأستاذ. فإلى جانب السرعة في تقديم المواد، والتقنيّات التي بات الطالب معتاداً عليها بين يديْه، بات يمكن للأستاذ أن يضيف مواد مرئيّة أو صوتيّة بعيداً عن النصوص، ومن بينها مقاطع الفيديو، أو التسجيلات الصوتيّة أو حتى الألعاب، فيتمكّن العدد الأكبر من التلاميذ المشاركة عبر أجهزتهم الإلكترونيّة التي ستحتوي في الوقت نفسه على جميع الكتب التي سيتمّ إستعمالها خلال العام، من دون الحاجة إلى حملها بشكلٍ يوميٍّ من البيت إلى المنزل.
وفي الإطار نفسه، تؤكّد المصري على أنّ أبرز إستفادة للأستاذ نفسه ستكون بعدم تضييع الوقت في تصحيح مسابقات الطلاب التي قد تصل إلى حوالى 40 للشعبة الواحدة، وبالتالي سيكون بالإمكان إجراء إختبارات ومعرفة النتائج بالوقت نفسه، ما يزيد من التنافس والإجتهاد بين الطلاب.
وفي المقلب الآخر، يُجمع عدد من الأهالي القاطنين في أكثر من دولةٍ خليجيّة لـ"يلا فيد" على أنّ أبرز النقاط الإيجابيّة في التعليم الإلكتروني ستكون مع إنخفاض وزن الحقيبة المدرسيّة بشكلٍ جذري، مع تحويل أغلب الكتب والدفاتر إلى أشكالٍ إلكترونيّة.
و يؤكّدون أنّ أغلب أبنائهم سيتكيّفون مع هذه التكنولوجيا الحديثة في التعليم بسرعةٍ كبيرة بحكم إستخدامهم المتواصل للأجهزة الذكيّة في كل مكانٍ من حياتهم اليوميّة ما عدا في الصفوف المدرسيّة.
مدرسة "مودل"
من بين المنصّات التي يمكن عبرها إنشاء نظام التعليم الإلكتروني، نظام "مودل"، الذي يوفّر مكاناً على الإنترنت لإنشاء مقرّات إلكترونيّة مع إمكانيّة التفاعل المباشر بين الأستاذ والطالب، و سيتحوّل دور الأستاذ من الملقّن إلى المنشّط والموجّه.
وفي العالم العربي، شهدت دبي على المنتدى الأوّل لنظام "مودل" في المنطقة تحت إسم "مودل مجلس"، حيث أكّد أحد ممثّلي نظام "مودل"، المدير العام لشركة الأسلوب الذكي، المنظِّمة للمؤتمر، إسماعيل حزوري، أنّ عدد المؤسّسات التعليمية التي تعتمد على "مودل" تخطّت 77 مليون مؤسّسة في 200 بلد حول العالم.
كما و أكّد على نقل الخبرات خلال السنوات الـ10 الماضية بين الإمارات والسعودية وسلطنة عمان والبحرين وتركيا، حيث يدعم "مودل" أكثر من 80 لغة وله قاعدة مستخدمين هامّة بـ 18,204 موقعاً مسجّلاً مع 7,270,260 مستخدماً.
و يقول أحد مستخدمي هذه المنصّة لـ"يلافيد"، سليم عاشور: "إنّ جميع نواحي التعليم تصبح سهلة جدّاً عن طريق المنصّات الإلكترونيّة التي إعتاد عليها طلّابنا مع مواقع التواصل الإجتماعي، إذ بات بإستطاعتهم التعامل مع التكنولوجيا بشكلٍ سهل.
و لعلّ العائق الوحيد يكمن في بطء الوصول إلى المعلومات من شبكة الإنترنت، ولكن يمكن التغلّب عليه من خلال تجهيز المعلّم للمعلومات مسبقاً وتحميلها على أجهزة الطالب".