في جهد غير مسبوق، قرر 150 شاباً وفتاة في مصر، تشكيل مؤسسة هدفها إنتشال المشردين من قسوة الشارع في مصر. 

اعتاد هؤلاء على العيش في عزلة والانزواء على الطرقات بانتظار نهايتهم، فينهش فيهم برد الشتاء وحرّ الصيف، من دون عائلة أو مأوى أو طعام. 

شباب مصر قرر وضع حد لهذه المأساة فتداعوا لتوحيد الجهود من أجل إعطاء المردين فرصة للعيش الكريم...وكانت النتيجة "بسمة".

150 شابا وفتاة في مهمة انتشال المشردين

"بسمة"، هي دار للإيواء أسسها 150 شاباً وفتاة من الطلاب الجامعيين من مختلف الكليات في محافظة الشرقية، التي تقع شمال شرق القاهرة، ما بين طلاب بكليات الطب والهندسة والصيدلة والحقوق والتجارة.

وأصبح هؤلاء الشباب محور حديث الجميع، بسبب العمل الذي يقومون به، لا سيما وأنهم يفعلون كل ما في وسعهم للمساعدة من دون انتظار أي مقابل، فلا يريدون شهرة أو ظهور إعلامي. 

كل ما يرغبون فيه هو تسليط الضوء على هذه المشكلة بهدف حشد المساعدة وتشجيع الشباب على القيام بالمثل والإهتمام بالمشردين لأنهم يستحقون حياة كريمة. 

يعيشون على الأرصفة وتحت الجسور

يتعامل هؤلاء الشباب مع المشردين برقي وإنسانية، فيأخذوهم نت تحت الجسور وعن الأرصفة، ويقدمون لهم كل الرعاية والعناية، بدءاً من الإستحمام والطعام والمأوى. 

وهذه المعاملة الحسنة جعلت منهم أصدقاء وأشبه بعائلة واحدة تسودها الإنسانية والمحبة. 

أعدادهم تتراوح بين 6 و 9 ملايين

التشرد قنبلة موقوتة في مصر، فالذين يعيشون "تحت الصفر" يمكن أن يعتبروا أفضل حالاً من المشردين، بل وأثرياء أيضاً ممقارنة بهم. 

وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات موثقة، تشير التقديرات إلى أن أعداد المشردين في مصر يصل ما بين 6 و 9 ملايين شخص.

ضرورة التفرقة بين المشرد والمتسول

مؤسس الدار، محمود درج، يتحدث عن أن الشباب والفتيات كانوا يستهدفون في البداية أطفال الشوارع، لكن صعوبة التعامل معهم جعلتنا نتجه للمشردين، فوضعنا الخطة الخاصة بالعمل، وقمنا بتأجير شقة صغيرة، وأصدرنا التراخيص من وزارة التضامن الاجتماعي، وأيضا التصاريح الأمنية اللازمة.

وأوضح محمود أن التعامل كان يتم من خلال نزول مجموعات من المتطوعين إلى الشوارع، بعد الساعة 1 صباحا، حتى نستطيع التفرقة بين المشرد الذي ينام ويعيش في الشارع، والمتسول الذي يعود إلى منزله في المساء.

وأضاف: "بعدها، نقوم بالتعرف عليهم وطمأنتهم إلى هدفنا، ثم توسعنا مجددا من خلال تأجير بناية، خصص فيها الدور الأول للنساء، أما الدور الثاني فهو للرجال، ونجعمل حالياً للحصول على منزل أكبر في منطقة قريبة من القاهرة.

التمويل من مصروفهم الخاص

جمع الشباب الأموال في البداية لتأجير بناية من 3 طوابق، وقاموا بتجهيزها وتقسيمها لغرف وصالات. 

وطلبوا مساهمة البعض بالمساعدة بأشياء عينية وليست مادية، كسرير أو خزانة، سجادة أو ثلاجة أو ملابس قديمة، وما شابه ذلك حتى تأسست الدار.

انطلق الشباب المتطوعون إلى الشوارع في مجموعات، يذهبون إلى المشردين، يطمئنونهم في البداية، ويقومون بتنظيفهم وإعطائهم ملابس جديدة، ويعالجون المصابين، ثم يتوجهون بهم للدار لتأمين المأكل والمشرب والنوم، وأيضا وسائل الترفيه.

يستقبلون التبرعات العينية

بعد أن زادت مسؤولية الدار وأصبحت أعداد المشردين فيها كبيراً، يستمر تمويل الشباب القائمين على الدار من أموالهم الخاصة، ويصرون على أن يكون التبرع بالأشياء العينية فقط وليس الأموال.

على سبيل المثال، عندما تكون الدار في احتياج للشاي والسكر والزيت والأرز، يعلنون ذلك من خلال صفحتهم على "فايسبوك"، ومن يرغب في المساعدة يرسل هذه الاحتياجات.

يستهدفون جميع المشردين في المحافظات

"محمد عبد الحميد"، أحد المتطوعين في الدار، يقول إنهم يستقبلون اتصالات من شتى أنحاء الجمهورية للإبلاغ عن مشردين لإيصالهم بالدار لرعايتهم، لافتاً إلى أن الدار يستعين من حين إلى آخر بأطباء من جميع التخصصات لرعاية النزلاء.