جنجاه عبدالمنعم هي الأخت غير الشقيقة لسندريلا السينما المصريّة الممثلة الراحلة سعاد حسني.
عاشت ﭼﻨﭽﺎه مع سعاد بعد زواج الأخيرة من المخرج علي بدرخان و لازمتها في تفاصيل حياتها.
كان رحيل أختها قاسياً جدّاً عليها فأخذت على عاتقها مهمّة كشف تفاصيل غير معروفة عن حياة سعاد حسني.
ترفض ﭼﻨﭽﺎه أن تكون أختها قد إنتحرت في عاصمة الضباب لندن و تتّهم تنظيماً سريّاً باغتيالها لإخفاء تفاصيل تتعلّق بتجنيد سعاد حسني لصالح جهاز المخابرات المصريّة.
وفي حديث خاص، تتكلم جنجاه عن أختها الخجولة التي لم تكترث يوماً لحياة الشهرة وكانت تعيش حياةً إجتماعيّة عاديّة.
وفي هذا اللقاء الحصري لـ "يلا فيد"، تُحدّثنا جنجاه عبد المنعم عن أسرار جمعت المطرب عبدالحليم حافظ وسعاد حسني وجهاز المخابرات المصريّة وعن الرجل الذي كان السبب بخروج السندريلا من جهاز المخابرات المصريّة.
نشرتِ في كتابك "سعاد أسرار الجريمة الخفية" وثيقةً تؤكّد زواج المطرب عبدالحليم حافظ بأختك الممثّلة سعاد حسني. متى تمّ الزواج؟
سعاد تزوّجت عبد الحليم من عام 1960 حتى 1965 وأنا من مواليد العام الذي تزوّجا فيه. ولكنّ والدتي كانت تخبرني عن تفاصيل زواجها. كنت أحبّ عبد الحليم كثيراً ولكن عندما كنت أشاهده، كانت تقفل التلفاز.
كان زواجها من عبد الحليم عرفيّاً في عقدٍ موقّع من قبل شهود. لقد وجدت العقد في خزنتها الخاصة خلال بحثي في مقتنياتها.
هل عثرت على معلومات أخرى؟
لقد وقعت بين يدي معلومات تخصّ تجنيدها من قبل جهاز المخابرات عام 1963 أي خلال سنوات زواجها من عبدالحليم.
لم يكن جهاز المخابرات على دراية بالزواج ولكن كانت المعلومات المنتشرة هي أنّ علاقة عاطفية كانت تربط الطرفين، ولهذا السبب بدأت الجهة التي جنّدتها محاولة إبعادها عن عبدالحليم من خلال تلفيق الأخبار وتشويه صورتها في الإعلام.
لماذا جنّدوها ؟!
خلال فترة رئاسة صلاح نصر على جهاز المخابرات المصريّة 1957 حتى عام 1967، كانت المخابرات تحاول تجنيد الفنانات والفنانين والطالبات.
وفي تحقيقات محكمة الثورة عام 1967 في قضية "إنحرافات المخابرات العامة"، تمَّ توثيق أقوال كل من جنّدوهم.
ثمّ تسرّب جزء من التحقيقات وانتشر على الإنترنت وانا أجريت بحثاً حول ما قالوه عن سعاد حسني، وهو ما يثبت براءتها في كثيرٍ من الاتهامات الملفّقة.
كانت مصر قد هزتها قضية إنحرافات المخابرات العامة والتحقيقات مع المشير عبد الحكيم عامر بعد نكسة 1967.
هل أخبرتك بموضوع تجنيدها ؟
من الصعب جدّاً أن يعترف أي أنسان بأنّه مجنّد من قبل مخابرات أو أن يتحدّث بأمورٍ تتعلّق بهذه الأمور لأنّه "هيوَدي نفسو بداهية".
لو عدنا إلى الستينات من القرن الماضي، كان الموضوع صعباً للغاية ولم يكن باستطاعة أحد أن يكشف نفسه.
هل هناك مهام رفضت القيام بها ؟
نعم.
ما هي المهمة التي رفضتها سعاد حسني؟
كانت المخابرات المصرية تسعى إلى توريط الصحافي المصري ومؤسس دار أخبار اليوم مصطفى أمين في قضيّةٍ أخلاقية وأن تكون السندريلا الأداة.
كان المخطّط أن يتمّ تصوير مصطفى أمين في وضعيّات حميميّة مع سعاد بهدف إدانته في قضيّة إخلاقيّة، إلّا أنّ ذلك لم يتمّ، فسجنوه بتهمة التجسّس لمدة 9 سنوات.
في تلك الفترة، كانت علاقة مصطفى أمين بالرئيس المصري جمال عبد الناصر سيّئة.
لم تتحمّل سعاد حسني المشاركة في هذا الموضوع ما دفعها إلى مصارحة زوجها عبدالحليم حافظ بالأمر وإعترافها له بتجنيدها لصالح المخابرات المصريّة.
كانت تربط عبد الحليم حافظ بالرئيس عبد الناصر ووزير الحربيّة المشير عبد الحكيم عامر، علاقة قويّة جدّاً، فساعد بعلاقاته على إخراجها من المخابرات.
اللافت في الموضوع هو الصداقة المتينة التي كانت تربط أيضاً مصطفى أمين وعبدالحليم حافظ الذي كان أشرس المدافعين عنه ويؤكّد باستمرار براءته و سعى جاهداً للحصول على تصريح لزيارته في السجن.
كان مصطفى أمين لعبد الحليم بمثابة الأب الروحي وكان يأخذ برأيه في كل شي ولعلّ الصداقة المتينة التي جمعت الإثنين شكّلت رادعاً قويّاً لسعاد كي تعترف لعبد الحليم وتطلب منه مساعدتها للخروج من جهاز المخابرات.
لماذا تمّ الطلاق بينهما؟
لو عدنا إلى الستينات، لرأينا أيضاً الكم الهائل من محاولات تشويه صورة سعاد حسني في الصحافة، كل هذه العوامل دفعت عبد الحليم إلى الشك فيها ومن ثمّ أدّى ذلك إلى الطلاق.
كانت أمّي تقول لي بأن عبد الحليم "جرحها قوي" وقد حاول عبد الحليم بعد الطلاق الرجوع إليها لكنّها رفضت.
ما هي المهام التي قامت بها ؟
لم تتجاوز خدمة سعاد في جهاز المخابرات العاميّن من عام 1963 حتى 1965 و تركت جهاز المخابرات بعد إعترافها لزوجها عبد الحليم حافظ.
ما كانت المهام بشكلٍ عام لمن يتمّ تجنيدهم؟
كانوا يجنّدون السيّدات لإستثمار علاقاتهنّ في إستقصاء المعلومات من رجال معيّنين ولكن لا علم لي إذا أدّت سعاد مهاماً كهذه. الجهاز هو فقط من يعلم، لكنّ المخابرات المصرية إعترفت بأنّ سعاد حسني كان تتهرّب منهم باستمرار.
هل حاولوا يوماً توريطها؟
نعم، يوماً ما أرسلوا إليها رجلاً مصريّاً و خدعها منتحلاً صفة منتج فرنسي، إلتقطوا صوراً لها معه في مكان معيّن وكانت خدعة محاولين الإستحصال على مأخذ معيّن يكون سبيلاً لابتزازها لاحقاً.
في كتابك ولقاءاتك تتحدّثين عن دور لوزير الإعلام السابق صفوت الشريف
صفوت الشريف وإسمه الأمني هو موافي كان ضابطاً في جهاز المخابرات وكان يحاول دائماً تجنيدها حتى بعدما حلّوا الجهاز.
في المحاكمات بعد النكسة، حُكم عليه بالسجن و تمّ التحقيق معه ولكنّه أدلى بشهاداتٍ كاذبة تتعلّق بسعاد حسني ولديّ الإثباتات على كذبه.
هل صوّرت سعاد حسني فيلماً إباحيّاً؟
سعاد لم تصوّر فيلماً إباحيّاً. موافي (صفوت الشريف) كان يلاحقها باستمرار حتى بعد تركها لجهاز المخابرات، وحتى بعد حلّ الجهاز الذي كان يحاول تجنيدها لصالحه. وأنا كنت شاهدة على لقاءٍ بينها وبين صفوت الشريف.
هل بقي صفوت الشريف يلاحقها بعد خروجها من مصر إلى لندن؟
لم يترك موافي سعاد، كان يرسل إليها أشخاصاً على الدوام وخاصة عندما علم بأنّها ستكتب أو تسجّل مذكّراتها. فحينها كان قلقاً من إدلاء سعاد بأي معلومة تنفرد بمعرفتها.
وهل سجّلت مذكراتها؟
بالفعل، سجّلت سعاد مذكّراتها على أشرطة كاسيت ولأجل هذا تمّ اغتيالها.
هل كانت تتلقّى تحذيرات؟
كانت تتلقّى تهديدات وتحذيرات باستمرار للعودة عن قرارها في توثيق مذكّراتها ولكن هذا لم يثنيها.
وكانت ترفض العديد من الأشخاص الذين تمّ إرسالهم لمقابلتها وخاصة في الثلاث أشهر الأخيرة أثناء مكوثها في المصحّة العلاجيّة.
لماذا دخلت المصحّة؟
الهدف من دخولها المصحّة هو كي تنحف وتقلّل من وزنها إضافة إلى علاجها من إصابتها في العامود الفقري. و كانت تعاني من إلتهاب العصب السابع في الوجه. ولا صحة للأخبار التي تتحدّث عن الكآبة أو علاج نفسي.
كانت تلجأ الى الأطبّاء النفسيّين عشان "تفضفض" ولأنّها كانت تلتزم الصمت ولا ترغب بأن تخبر مشاكلها للمقرّبين.
كل المشاكل النفسيّة التي دخلت فيها كانت تخرج منها بعد فترة لا تتعدّى الشهرين.
في كتابك تقولين بأنّ السنديلا قُتلت ولم تنتحر، من تتّهمين؟
في كتابي (سعاد :أسرار الجريمة الخفية) أشرح عن مخطّط قتل سعاد و أذكر أسماء الذين تآمروا عليها وأدّوا مهام بدأت بحياتها و إنتهت بعد موتها لإخفاء معالم الجريمة ولفبركة الإنتحار المزعوم.
أنا أتّهم في قتل سعاد جهازاً فوقيّاً لا يتبع للمخابرات المصريّة ولكن هذا الجهاز تمّ تكوينه من أشخاص إستغلّوا نفوذهم ومراكزهم لتنفيذ عمليّات بغية الكسب المادي والمصلحة الشخصيّة. وكان آخر هذه العمليّات مقتل سعاد حسني.
وأنا لديّ كل الإثباتات التي تؤكّد وجود الجهاز في عهد حكم الرئيس حسني مبارك.
وكان يخضع لإدارة ثلاث شخصيّات أسماؤهم واردة في الكتاب من ضمنهم موافي (صفوت الشريف ) ووزير الداخلية السابق حبيب العدلي.
هل تتّهمين أيضاً الرئيس حسني مبارك؟
لا يوجد أي دليل على تورّط الرئيس حسني مبارك ولكن بسبب الفساد الذي إنتشر في عهده، إستطاعوا تكوين هذا الجهاز.
صديقتها ناديا يسري تؤكّد إنتحار السندريلا
أوّلاً، ناديا يسري هي أداة في المخطّط وثانياً هي "شغّالة" عند سعاد حسني و ليست صديقتها. هي قامت بمهمّتها و تقاضت أجرها على ذلك.
في لحظة قتل سعاد حسني، كان "موافي" يشغل منصب وزير الإعلام وكان مسيطراً على جهاز الإعلام في مصر وأنا أحمل مسؤوليّة القتل لصفوت الشريف والفساد وناديا يسري.
كيف تلقّيتِ خبر رحيل سعاد حسني ؟
كنت في البيت أقوم ببعض الأعمال المنزليّة، و لمحت على شاشة التلفزيون أخباراً تتناول سعاد حسني.
في آخر مكالمة بيننا، كانت تتحضّر للعودة إلى مصر. لم أكن أتوقّع أن يكون الخبر بهذه القسوة...كان الأمر مجرّد خيال. تنقّلت بين القنوات لأتأكّد من الخبر لأنّي إعتبرتها إشاعة. فقبل مقتلها، أعلنوا وفاتها خمس مرات.
كيف كانت تتلقّى إشاعات وفاتها؟
كانت تعتبرها رسائل تهديد، والتي كثرت في آخر ستة أشهر قبل الجريمة.
وكنت متأكّدة منذ اللحظة الأولى بأنّهم قتلوها ولم تنتحر. منذ ذلك الوقت، أخدت قراراً بأن أكتشف الحقيقة.
بعد رحيل السندريلا كان هناك مسلسل عن حياتها
مسلسل "السندريلا" هو جزء من المخطّط ولم يتواصل معنا أو يستشيرنا أحد لإنتاجه.
المنتج وكاتب السيناريو ممدوح الليثي، هو من أدوات صفوت الشريف وممّن نفّذ أوامره لأجل تشويه صورة أسرتها وعلاقتها بأسرتها وتشويه صورتي أنا شخصيّاً لأنّي كنت في تلك الأثناء أبحث في حقيقة مقتل أختي.
هل نجح المسلسل؟
المسلسل فشل فشلاً ذريعاً لأنّ السيناريو كان ضعيفاً والهدف حقيراً جداً. تمّ خداع الممثّلين الذين لا يعرفون حقيقة سعاد حسني وهم يتحمّلون مسؤوليّة المشاركة في تشويه صورتها.
وفي المقابل، تعتبر سعاد حسني رمزاً فنيّاً كبيراً وحلماً لكلّ فنانٍ لتجسيد شخصيّتها.
منى زكي كانت صديقتي وكان من المفترض أن تسألني قبل تجسيدها للدور.
لقد صوّروا المسلسل في سريّة وكتمان وجرى التصوير في مدينة الإنتاج الإعلامي التي يملكها ممدوح الليثي.
كنّا سنقوم بإنتاج مسلسل مع شركة أخرى هي "العدل جروب" ونحن لدينا مقتنيات سعاد ونحن أسرتها وعشنا معها منذ كان عمرها 14 عاماً وحتى مقتلها.
كما أّن السيناريو كان جاهزاً وكتبه محمود عبد الرحمن.
كيف كانت شخصيّة سعاد حسني ؟
كانت تهتمّ بالتفاصيل الدقيقة من كتابة السيناريو حتى الكاميرا والإنارة وكانت تجلس مع فريق العمل قبل دخولها مكان التصوير.
كانت ترفض أي سيناريو يجعل الجمهور يكرهها وهي رفضت العديد من الأعمال لأجل ذلك.
سعاد حسني رفضت التمثيل في فيلم : "الأرض" و "أبي فوق الشجرة" و"الصعود إلى الهاوية".
كيف تصفين بداياتها؟
سعاد حسني إنسانة بسيطة بدأت الفن منذ الطفولة في فرقة بابا شارو (محمد محمود شعبان وهوإذاعي مصري بزغ نجمه مع تقديم أحاديث الأطفال والبرامج الدرامية والغنائية في الإذاعة المصرية) وكانت تغنّي مع الأطفال.
عندما طلّقت أمها والدها محمد حسني أمين البابا، عاشت مع والدي عبدالمنعم الذي ربّاها وعلّمها.
إكتشف موهبتها صديق والدي الكاتب عبدالرحمن الخميسي ورشّحها لدور في مسرحيّة لم تُعرض وكان يشرف على تدريبها الممثل إبراهيم سعفان وإنعام سالوسة كانت تدرّبها على الإلقاء المسرحي.
عبدالرحمن الخميسي ساهم في دخولها إلى عالم التمثيل إلى جانب محرم فؤاد في فيلم "حسن ونعيمة".
بعد زواجها من علي بدرخان بسنتيْن، طلبتُ من أمّي أن أعيش معها وكان عمري حينها 14سنة. ومنذ ذلك الوقت وأنا كنت معها في كل تفاصيل حياتها.
وختمت: "سأستمر بملاحقة هذه القضية حتى الرمق الأخير وإلى حين كشف الحقيقة".
ملاحظة : إنّ فريق يلا فيد أجرى هذا اللقاء للإطّلاع على رأي جنجاه وروايتها حول رحيل سندريلا السينما المصرية سعاد حسني ونحن غير مسؤولين عمّا ورد على لسان الضيفة.