للزواج المدني في مصر تحولات تميل إلى التراجع بدلاً من التقدم، مما يعني أن هذا الزواج الذي يقصده البعض - حتى لو كانت ديانتهم متشابهة - لم يعد الإقبال عليه كما كان في السابق. 

وعلى الرغم من أن الزواج المدني كان أمراً عادياً قبل سبعينيات القرن الماضي، وكان مقبولًا في ظل التنوع الذي كانت تشهده مصر، إلا أن بعض التنفيذيين يمنعون إتمامه اليوم، سواء في المحاكم أو في مصالح الشهر العقاري، مع أن القانون لا يجرّمه. 

من هم الراغبون بالزواج المدني؟

الزواج المدني ليس بالضرورة أن يكون بين رجل وامرأة من ديانات مختلفة، فهناك العديد من المسلمين الذين يرغبون في أن يكون زواجهم مدنياً حتى لا يخضعوا إلى القواعد الشرعية للزواج الذي تتم أمام "المأذون".

وهناك أيضاً زواج مدني يتم بين ثنائي من الديانة المسيحية، لكن يتم في حالة اختلاف الملة بين راغبي الزواج، إضافة إلى مسيحيين من ملة واحدة يتجهون إلى هذا الزواج حتى لا يخضعوا لقواعد الكنيسة التي لا تقبل الطلاق إلا بعلّة "الزنى".

متى يرغم الطرفان على الزواج المدني خارج مصر؟

الحالات السابقة تكون مقبولة في الزواج المدني في مصر، على الرغم من وجود عوائق عديدة. لكن ما يرفضه القانون في الزواج المدني، هو ما يكون طرفاه رجلًا مسيحياً وامرأة مسلمة، على عكس الزواج المدني المقبول بين رجل مسلم وامرأة مسيحية.

في حالة الزواج المدني بين رجل مسيحي وامرأة مسلمة، يكون الزواج المدني خارج مصر، وغالباً في قبرص.

ويرفض القانون هذا الزواج ولا يتممه مدنياً، لأن هناك مادة حاكمة في الدستور المصري منذ سبعينيات القرن الماضي تنص على أن "الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع"، بمعنى أن تشريع الزواج المدني لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرّم زواج المسلمة من المسيحي.

لا توجد إحصائيات رسمية

ليست هناك أرقام أو إحصائيات رسمية، توضح عدد المتزوجين مدنياً في مصر، وذلك في ظل عدم رغبة الدولة في خروج مثل هذه الإحصائيات التي قد تشجع الراغبين مستقبلًا في السير عليه، وذلك تماشياً مع رغبات السلطتين الدينيتين في مصر، "الأزهر" و"الكنيسة"، اللتان تحرمان هذا الزواج بشكل غير رسمي.

وبالنسبة للمتزوجين مدنياً، فالذين يقدمون على هذا الزواج في العلن، يرفضون أن يكونوا مادة دسمة للإعلام، وبالطبع هناك من يرفضون الإفصاح عنه، لا سيما عندما يكون الزوج مسيحياً والزوجة مسلمة، ويتم الزواج خارج مصر.

ممنوع من الإنجاب لحين الهجرة من مصر

حالة مهمة للزواج المدني نتوقف أمامها للزوج "م. ن" والزوجة "ف. ع"، الزوج مسيحي والزوجة مسلمة.

بعد قصة حب دامت 3 سنوات، تزوج الإثنان في قبرص. لكنهما لن يفصحا عن زواجها إلا بعد قبول طلبهما بالهجرة إلى كندا أو أستراليا.

الاثنان من القاهرة، تعرفا على بعضهما في مشروع قامت به مؤسسة حقوقية حول ختان الإناث في الصعيد، ومع قصة الحب كان الزواج في قبرص، عبر السفر في دورة تدريبية هناك، ولم يتسن لهما الحصول على إقامة هناك.

ويوضح "م. ن" أن الزواج سيظل سريًا وسط حتمية الهجرة، في ظل وجود رفض من الأهل قد يتطور إلى قتل الفتاة على يد أهلها، لاسيما أنها تواجه ضغوطاً في تحركاتها، ومطالب من أهلها بالزواج.

كما أشار إلى أن فكرة الإنجاب ممنوعة داخل مصر، لأن الطفل لن يسجل، لأن الأب مسيحي والأم مسلمة، حتى لو تم الاعتراف بالزواج المدني الذي تم في قبرص.

الأهل يقاطعون المتزوجين مدنياً

"حاتم" و"رحاب"، هو مسلم وهي مسيحية، أصولهما من الإسكندرية، يعيشان في القاهرة، ويعملان في البورصة وسوق المال، تزوجا من خلال المحكمة منذ 5 سنوات.

وعلى الرغم من أن الأزمة عند "رحاب" بشكل أكبر من "حاتم"، إلا أن الأهل في الجانبين قرروا مقاطعة أبنائهما لأن أهل "حاتم" يرون أن ذلك خروج عن العادات والتقاليد، وأهل الفتاة يرون أنها جلبت لهم بالعار.

وتتضح القسوة في الرفض حتى في رؤية حفيدتهم الصغيرة "ياسمين" البالغة من العمر 3 سنوات.

أنجح وأشهر زواج مدني في مصر بين الفخراني ولميس

بالطبع هناك العديد من حالات الزواج المدني للمشاهير، كثير منها فشل، ولكن هناك زواجاً شهيراً يزيد عمره على 35 سنة بين الفنان يحيى الفخراني "مسلم الديانة"، والكاتبة والمؤلفة لميس جابر "مسيحية الديانة"، حيث كلل هذا الزواج بـ 3 أبناء، من قصة حب انطلقت على مسرح كلية الطب في سبعينيات القرن الماضي، حيث تم الزواج المدني بينهما بشبه موافقة متأخرة من الأسرتين، وسط قواعد خاصة وضعها الطرفان، وتفاهم رائع جعل هذا الزواج ناجحاً ومثالياً حتى الآن.

أشهر حالات الزواج المدني المختلف الديانة في المجال الفن كانت من نصيب ليلى مراد وناهد شريف

الفنانة ليلى مراد، تزوجت من الفنان أنور وجدي في عام 1945، وبحسب بعض الروايات كانت يهودية الديانة، وغيّرت ديانتها للإسلام في عام 1946 أي بعد الزواج وليس قبله.

الفنانة ناهد شريف تزوجت من شخص لبناني هو "إدوار جرجيا"، حيث تم الزواج خارج مصر، وهي تدين بالإسلام، وهو بالمسيحية، وتزوجا على ديانة كل منهما، وأنجبا فتاة هي "باتريسا"، لكن هذا الزواج أدى إلى العديد من المتاعب التي للأسف انتهت بمرض ناهد ووفاتها.