قبل موعد الإفطار بأقل من ساعة، تبدأ الحشود من كل حدبٍ وصوب بالتوافد إلى حرم مسجد الشيخ زايد الكبير في العاصمة أبوظبي، فتتشكّل تظاهرة دينيّة مميّزة تعكس روح التسامح التي تتميّز بها دولة الإمارات العربيّة المتحدة. 

طوال شهر رمضان المبارك، يفتح مسجد الشيخ زايد أبوابه لجميع الناس من دون أي تفرقة عرقيّة أو دينيّة أو جنسيّة، حيث يحتضن من يرغب بكسر صيامه وتناول وجبة طعامٍ مجانية، مقدّمة عن روح مؤسّس الدولة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

مشروع "ضيوفنا الصائمون"

بحسب المعلومات الصادرة عن لجنة المسجد، فإنّ مشروع "ضيوفنا الصائمون" يُقام طيلة الشهر الفضيل، حيث تُنصب في ساحات الجامع الخارجيّة خيم مكيّفة، بالإضافة إلى تجهيز عددٍ من تلك الساحات كي يتناول فيها الصائمون طعام الإفطار. 

تجمّع ما يقارب 30,000 شخصاً في هذا المكان، هو انعكاس عمليّة تعزيز قيم التعايش والتسامح بين الصائمين من مختلف الجنسيّات، الأمر الذي يحوّل هذا المشروع إلى ملتقى إنسانيّ يعزّز التقارب بين الشعوب. 

وفي جولةٍ لـ"يلافيد" داخل حرم المسجد، تنتشر 12 خيمة مكيّفة، 10 منها مخصّصة للرجال وإثنان للعائلات والنساء. 

مع امتلاء  الخيم، يعمد القيّمون، من بينهم 90 متطوّعاً، إلى فتح مساحات عشبيّة إصطناعيّة في الساحات الإضافيّة المحيطة بالمسجد كي تتّسع لكل الزوّار من دون استثناء.

داخل الخيم والساحات

يجتمع في الساحات والخيم، أناس من مختلف الثقافات والمعتقدات الدينيّة والجنسيّة، فيجلسون جنباً إلى جنب ويتعارفون على بعضهم البعض، ويتشاركون 35000 وجبة طعام ساخنة تحضّر يوميّاً من قبل "نادي وفندق ضبّاط القوّات المسلّحة".

الوجبات توضع أمام جميع الزوار قبل نصف ساعة على موعد مدفع الإفطار، وسط خدمة لا مثيل لها وسرعة متناهية من العمّال لتلبية الجميع.

وتفيد المعلومات أنّ مطبخ نادي القوّات المسلّحة يقوم بطهي 7000 كلغ من الأرز، 6000 كلغ من لحم العجل، 12000 كلغ من الدجاج، 7000 كلغ من الخضار يومياً، وكل ذلك بجهود 1000 شخص يعملون في المطبخ، من بينهم 350 طاه.

وعلى الرغم من أنّ تحضير المواد الأوليّة للوجبات يبدأ قبل يوميْن من الموعد النهائي، إلا أنّ عمليّة الطهي لا تتوقّف أبداً داخل المطبخ. ومع السرعة الفائقة في الطبخ، يتمّ وضع الوجبات الجاهزة داخل حاويات على حرارة 60 درجة، كي يبقى الطعام ساخناً عند تسليمه للصائمين.

يشار إلى أنّ هذه المبادرة بدأت في 2004، وسط إقبالٍ متزايد في كل عام من الصائمين من مختلف الجنسيّات ما يعكس التنوّع الثقافي والثراء الروحي الذي يعدّ جامع الشيخ زايد الكبير من رموزه الكبرى في دولة الإمارات، كما يؤكّد أنّ هذا المشروع قد تحوّل إلى ملتقى إنساني وثقافي وإجتماعي، يجمع شتى أطياف المجتمع الإماراتي من مختلف الأعمار والأجيال.