ارتبطت الأغنية الوطنية المصرية بمحطات تاريخية وأحداث سياسية عدة مرّت بها مصر، إلى أن أصبحت جزءاً من ذاكرة المصريين وأداة توثيق لكثير من المراحل التي ساهمت في تشكيل وجدان الشعب المصري وعموم الشعب العربي
ثورة 1919: ظهور الهويّة المصرية
بدأ ظهور الأغنية الوطنية في مصر مع بداية طرح التساؤلات حول مفهوم الهوية المصرية، أي بعد قيام ثورة 1919 ضد الإحتلال الإنكليزي. جسّد فنان الشعب سيّد درويش عبر ألحانه وصوته مطالب الثورة، كان أبرزها نشيد مصر الحالي “بلادي بلادي” من تأليف الشيخ يونس القاضي والمأخوذ عن خطاب الزعيم مصطفى كامل. إضافة إلى الأغنتين: “قوم يا مصري” و”أنا المصري كريم العنصرين”.
لم تكن أغاني سيّد درويش الوطنية مقتصرة على رسائل سياسية مباشرة ففط. في عام الثورة،عرض الثنائي سيّد درويش والمؤلّف المسرحي بديع خيري مسرحيّة “قولوله” والّتي قدّما من خلالها سلسة من الأغنيات الوطنية وأدّتها فرقة “نجيب الرّيحاني”. إحدى تلك الأغاني كانت أغنية “بنت مصر” التي قدمت علىى إثر إستشهاد حميدة خليل و درية شفيق، أوّل شهيدتان مصريتان
ثورة 1952: في حبّ الثورة و زعميها
شكّلت ثورة 52 نقلة نوعية في الأغنية الوطنية ولعبت دوراً تعبوياًً وتوجيهياً. كتب كبار شعراء مصر في مقدّمتهم صلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودي وحسين السيد وغيرهم كثر للثورة. ترافقت الكلمات مع نغمات لحنّها كبار مؤلّفي مصر منهم كمال الطويل و بليغ حمدي و محمّد الموجي. ومع دخول الراديو إلى مصر، تجذّرت تلك الأغاني في وجدان الشعب المصري والعربي، إذ صاحبهم أصوات كبار المطربين مثل محمّد عبد الوهاب و أمّ كلثوم وعبد الحليم حافظ و شادية. عبّرت الأغنية عن تأييد جارف للثورة وقائدها جمال عبد لناصر وساهمت في رفع الخطّ القومي،ما أوقعها في فخّ، إختلط فيه مفهوم الهمّ الوطني من جهة و مفهوم الإنحياز السياسي من جهة أخرى
حروب وانتصرات: الفنّ مقاومة
.خلال “العدوان الثلاثي”على مصر عام 1956، غنّت أمّ كلثوم “والله زمان يا سلاحي” والّذي صدر قرار بإتّخاذها سلاماً جمهورياً في عام 1960
عقب هزيمة مصر في العام 1967، إنكفأ العديد من الشعراء عن الكتابة حزناً، إلاً أنّ عبد الرحمن الأبنودي و فؤاد حدّاد قرّرا مقاومة خيبتهم عبر الكلمة فألّفا أغنتي “عدّى النهار” لعبد الحليم حافظ و”الأرض بتتكلّم عربي” لسيّد مكاوي .ثمّ تلاها بعد فترة أغاني مثل “أمّ الصابرين” لشادية و”أصبح الآن عندي بندقية” لأمّ كلثوم.
.”في المقابل، تكوّنت جبهة غنائيّة معارضة كان على رأسها الشيخ إمام و الراحل أحمد فؤاد نجم اللذين انتقدا بروح ساخرة كثير من سياسات ناصر وإحدى تلك الأغنيات هي و”الحمد الله خبطنا تحت بطاطنا”
للانتصارات وقع كما للهزائم على حالة الفنّ في أيّ بلد. فاستنهض نصر 73 مشاعر الثقة لدى المصريين و بالتالي الفنانين، و أبرز الأغاني الّتي عبّرت عن مشاعر الإعتزاز هي “بسم الله الله وأكبر” لعبد الحليم” أنا على الربابة بغني” الّتي غنّتها وردة الجزائرية و “دولا مين” لسعاد حسني
ثورتي يناير: موسيقى مختلفة
خلال ثورة يناير، ظهرت أصوات و فرق موسيقية جديدة، جسّدت أحلام شياب ثورة يناير. كان أبرزها رامي جمال و رامي عصام و فرقة “كايروكي” صاحبة أغنية الميدان“. في المقابل، قُدّمت أغاني تجارية
على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته أغاني ثورة 30 يويو مثل ” تسلم الأيادي” و”بشرة خير” لكن من الصعب تصنيفها ضمن الأغاني الوطنية لكونها تعبّر عن موقف محدّد وآني وموجّه لمؤسّسة الجيش.
Comments