قضت محكمة مصرية بحبس الإعلامي إسلام البحيري عاماً واحداً بتهمة ازدراء الدين الإسلامي بعد بلاغ قدّمه الأزهر ضدّه إلى النائب العام في أبريل الماضي في حكم انقسمت حوله الآراء في الشارع المصري.
وكان البحيري، الذي حصل على عقوبة مُخفّفة عن 5 سنوات عقب قبول المحكمة طلبه باستئناف القضية، قد أغضب الأزهر في برنامجه “مع إسلام بحيري” على قناة “القاهرة والناس” بعدما شكّك في صحة الأحاديث الواردة في مراجع مثل “صحيح البخاري” و”صحيح مسلم”، ودعا إلى حرقهما، ما رأى فيه الأزهر تشويهاً للإسلام ومساساً بثوابته وتحريضاً على الفتنة.
اللافت في القضية هو أنّ البحيري ليس أوّل من ينتقد مراجع الأحاديث النبوية - فقد سبقه عدد من المفكّرين، أبرزهم الدكتور الراحل مصطفى محمود - إلا أنّ الأخير لم يُدن بتهمة ازدراء الدين الواردة ضمن المادة “98 - و” - والتي تم رفض تعديلها في مسودّة الدستور عام 2012، بحسب الناشط السياسي وائل غنيم.
وتنصّ المادّة على معاقبة من يروّج لـ “أفكار متطرّفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية” بالحبس ودفع غرامة مالية.
لكن البحيري لم يتوقّف عند انتقاد كتابي البخاري ومسلم اللذين يجمعان آلاف الأحاديث المنسوبة إلى النبي محمد.
ففي ندوة له في معرض الكتاب في فبراير الماضي، قال البحيري إنّ القرآن “لا يناسب كل العصور”، ولا يمكن للمسلمين، برأيه، أن يبنوا حياتهم عليه في هذا العصر، وهي فكرة تتعارض مع إيمان المسلمين بأنّ القرآن هو كتاب لكل الأزمان.
كما هاجم البحيري الخليفة الإسلامي الأوّل أبو بكر الصديق قائلاً إنّ “حرب أبوبكر على المرتدّين ليست من الدين”، مشيراً إلى أنّ تلك الحرب لم تُوصف في عهد الصديق بحرب “الردّة”، وأنّ من أرادوا أن يتخّذوها ذريعة للقتل هم من أسموها بهذا الاسم، على حدّ تعبيره.
وتكتسب القضية اهتماماً واسعاً في مصر نظراً لإعلان الدولة المصرية عن نيّتها في تجديد الخطاب الديني ومحاربة التطرّف بمساعدة الأزهر من جهة، وبسبب ما تطرحه من علامات استفهام حول هامش حرية التعبير في الإعلام المصري.
وقد تضامن عدد من الناشطين السياسيين مع البحيري، وفي مقدّمتهم المخرج خالد يوسف، الذي عبّر عن خوفه من “أن يصبح التفكير جريمة يجب أن يدفع مرتكبها ثمناً لها في عصر كنا نراه يحارب التكفير لا التفكير”.
ودعا يوسف الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى التدخّل بالقضية لإخراج البحيري من السجن.
وغرّد وائل غنيم حول القضية، معتبراً الحكم دليلاً على استمرار تدخّل الدولة في “أفكار ومعتقدات مواطنيها”.
وصاية الدول على أفكار ومعتقدات مواطنيها هي فكرة منتهية الصلاحية منذ 1984.
— Wael Ghonim (@Ghonim) December 29, 2015
وعبّرت الصحفية أسماء نصّار في حسابها على Facebook عن عدم جدوى حبس الأشخاص على آراء لأن الأفكار لا يمكن حبسها.
يعني اسلام يتحبس سنة عشان بيفكر وبيعبر عن رأيه..أنا مش مصدقه ان ده بيحصل..أنتوا متخيلين أنكم تقدروا تحبسوا أفكار الناس؟ الفكرة لا يمكن تتحبس علي فكرة
Posted by Asmaa Nassar on Monday, December 28, 2015
فيما عبّر مغرّدون آخرون على Twitter عن تضامنهم مع البحيري من منطلي احترام حرية التعبير في الصحافة ودعم تحديث الخطاب الديني.
حرية الراي هي المقدمة الاولي للديموقراطية متضامن مع #إسلام_بحيرى
— alaa elmasry (@alaaelmasry0) December 31, 2015
أما رئيس تحرير جريدة “المقال” إبراهيم عيسى أبرز مؤيدي بحيري،فقد نشر صورة للبحيري على الغلاف مصطحبة بتعليق “دولة تزدري نفسها” اعتراضاً على حكم السجن، الذي اعتبره “عاراً”، فيما أيّد الباحث في شؤون المذاهب بالأزهر الدكتور الدكتور عبد الله رشدي في جريدة “التحرير” الحُكم.
Comments